القرآن في حياة المسلم هل تعرف معنى “صحبة القرآن”22

القرآن في حياة المسلم

تعلقك بالرسالة دليل على حبك للمرسِل:

القرآن في حياة المسلم الحمد لله تعالى حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، نحمده سبحانه حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ونستعينه ونستغفره ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين وسلم تسليما.

الورد القرآني
صحبة القرآن

أما بعد:

فالقرآن الكريم هو كتاب الله الذي أنزله هداية للبشرية جمعاء، فجعله الله نورا يضيء لنا دروب الحياة، ودستورا تتضح به معالم الطريق المستقيم، فهو رسالة من الله إلى الناس، وبقدر حبك لله يكون تعلقك براسالته…

هذه أم طال غياب إبنها عنها في بلاد المهجر، وفي يوم من الأيام بعث الإبن برسالة إلى أمه يطمئنها عن أحواله، فكانت هذه الرسالة بمثابة ماء بارد أخمد -ولو بشكل مؤقت- لهيب الشوق المشتعل في قلب الأم، وكانت بمثابة قميص يوسف لما استلمه ابوه يعقوب…استلمت الأم الرسالة و شمت ريحها وضمتها إليها ضما، وهي تتمنى أن تكون هذه الضمة لابنها لا لرسالته، كانت الأم أمية لا تعرف القراءة ولا الكتابة، فأخذت الرسالة وأسرعت بها إلى ابن جارهم، فطلبت منه أن يقرأ لها الرسالة، ويفسر لها مضمونها، ففعل الشاب المطلوب منه، وضعت الأم الرسالة في مكان آمن، وكانت بين الفينة الأخرى تقلبها وتقبلها، بل وفي بعض الأحيان تطلب من شخص يحسن القراءة أن يقرأها عليه…يا الله… هذا حب البشر للبشر! وهذا كلام البشر! ولله المثل الأعلى ولا مشاحاة في الأمثال.

فكيف يكون حب رب البشر؟ وكيف يكون تأثير كلام خالق البشر؟ إذا أردت معرفة ذلك فانظر إلى حال أصحاب رسول الله قبل نزول هذا الكلام وبعده، وستكتشف العجب العجاب، ستجد أن هذا القرآن غير كل شيء، غير حياتهم على كل المستويات، على المستوى الإجتماعي والسياسي والإقتصادي… حتى الأذواق تغيرت…بل إن هذا الكلام -كلام الله- قد حرمهم النوم بالليل “كانوا  قليلا من الليل ما يهجعون”، يُسمع لهم دوي كدوي النحل، راحتهم في كتاب الله، وسعادتهم مع كلام الله، وصحبتهم كتاب الله، يعرفون مُنزِّل الكتاب حق المعرفة، ويعرفون أن الطريق الوحيد الموصل لرضاه هو هذا الكتاب، ومن هذا الإيمان العميق المتجذر انبثقت عنايتهم البالغة بالقرآن حفظا وتلاوة وتدبرا وتطبيقا القرآن في حياة المسلم .

القرآن في حياة المسلم ما يفعل القرآن بصاحبه:

إن صاحب القرآن يعيش سعيدا مطمئنا، كيف لا وقد أخبر الله تعالى، أن القرآن سبب السعادة والطمأنينة، قال سبحانه:”مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ” فلا يجتمع القرآن والشقاوة أبدا، وقال ربنا تبارك وتعالى: “الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ”

ففي الحياة الدنيا يطمئن صاحب القرآن ويسعد…نعم يسعد…. السعادة ذلك الشيء المفقود الذي يبحث عنه الجميع، يجده المؤمن في كلام رب العالمبن، فينير ظلمته ويؤنس وحشته و يزيل همه ويبعد عنه الشياطين…

وفي القبر يكون له ضياء، ومؤنسا، بل حاميا له من عذاب القبر، اسمع أخي، واسمعي أختي لهذا الحديث العجيب، الذي يبين فصل سورة واحدة من سور القرآن، فكيف بمن صاحب القرآن كله، إنها سورة الملك التي سماها النبي صلى الله عليه وسلم المانعة، و المنجية تنجيه من عذاب القبر، و روى أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  “سُورَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ ثَلَاثُونَ آيَةً، تَشْفَعُ لِصَاحِبِهَا حَتَّى يُغْفَرَ لَهُ: تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ”

فالقرآن رفيقك في القبر يوم يتخلى عنك كل الرفاق، وصاحبك يوم يتركك كل الأصحاب، فنعم الرفيق هو ونعم الصاحب، ويا عجبا لنا كيف نفرط في هذا الصاحب؟؟؟ القرآن في حياة المسلم

ويوم القيامة، حيث تبلغ القلوب الحناجر وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد، حيث تدنو الشمس من رؤوس العباد، ويغرق الناس في علرقهم، ويفزعون، فإذا بأنس فوق رؤوسهم غمامتان مطمئنين غير خائفين!!!!من هم هؤلاء، إنهم أصحاب البقرة وآل عمران، أصحاب الزهراوين، تحاج هاتان السورتان عن صاحبهما وتدافعان عنه، نعم الدفاع ونعم الشفيع، قال رسو الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم  عن مُعَاوِيَة – يَعْنِي ابْنَ سَلَّامٍ -، عَنْ زَيْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:اقْرَؤُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ. اقْرَؤُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا.” القرآن في حياة المسلم

القرآن يسعدك في الدنيا، وينجيك من عذاب القبر، ومن كرب يوم القيامة، ويأخذ بيدك إلى الجنة، ثم لا يكتفي بذلك…بل يرفعك في درجات الجنة، فيقال لك: “اقْرَأْ ، وَارْقَ ، وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا ، فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا” 

القرآن في حياة المسلم هل أنت صاحب القرآن؟

إن صحبة القرآن ليست بالأمر الهين أو السهل، إلا على من أعانه الله على ذلك، فالصاحب لا يترك صاحبه، والصاحب لا يبتعد عن صاحبه، والصاحب لا يغفل عن صاحبه، والصاحب لا يبدل صاحبه…بل إن الصاحب لا يرتاح إلا برؤية صاحبه وبالجلوس معه…فالصحبة ضد المفارقة، وضد الهجر، فهل نستحق لقب صاحب القرآن؟؟؟؟ القرآن في حياة المسلم

المؤمن والقرآن:

المؤمن أشد الناس علاقة بالقرآن، وأولى الناس بصحبة القرآن، فبه يزين المجالس التي يحضرها، وبه ينشغل فكره، فتجده يتقلب بين الحفظ والتلاوة والفهم والتطبيق…

له ورد يومي لا يتنازل عنه مهما وقع وجرى، فلا تشغله الدنيا بزخارفها عن القرآن، ولا تغره الشهوات بزينتها عن القرآن، بل بالقرآن يتقوى قلبه ويقاوم هذه وتلك، وما غرت الدنيا إلا الغافلون، وما وقع في شباك الشهوات إلا القاسية قلوبهم، والقرآن علاج كل أمراض القلوب، فهو الرح حقيقة، فكما أن الجسد الذي لا روح فيه لا حياة فيه، كذلك الذي خلا من القرآن لا حياة فيه، هو بالتعبير النبوي كالبيت الخرب القرآن في حياة المسلم.

فاللهم اجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا ونور صدورنا يا أرحم الراحمين القرآن في حياة المسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى