مقومات التربية الإيجابية وعلاقتها بقوة الشخصية لدى الطفل.

الحمد لله فالق الحب والنوى المطلع على باطن الضمير وما حوى،أحمده سبحانه وتعالى وأشكره، بفضله رشد من رشد وبعدله وحكمته غوى من غوى،وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو أهل المغفرة والتقوى، وأشهد أن محمدا عبد ورسوله:”وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه الدجى ومصابيح الهدى، والتبعين ومن سار على نهجهم واهتدى.
لا يختلف اثنان في كون استمرار النسل البشري وسلامته من المفاسد، دورا من أدوار الأسرة، ومسؤولية جسيمة يتحملها الأب والأم، ولعل هذه المهمة زادت تعقيدا وصعوبة في زمن كثرت فيه متطلبات الحياة وتعدد المتدخلون في الشأن التربوي والأسري…
وإليك عزيزي القارئ  زبدة ما توصل إليه الباحثون في مجال علو النفس التربوي، وخلاصة ما كتبه العلماء المتخصصون، فقط اصبر واقرأ المقالة إلى آخرها وأعدك أنك ستخرج من موقعنا بأفكار وخطوات ستغير قناعاتك ونظرتك حول الأطفال، بل ستخرج إن شاء الله بخطة تربوية رائعة ستنير طريقك وتصلح علاقتك بأبنائك وتساعدك لتربية وتوجيه أطفالك…
ونحن نتحدث عن التربية الإيجابية، قد يتساء البعض:

فتربية الأبناء رسالة عظيمة وتجارة مربحة في الدنيا والآخرة، وهي مهمة تحتاج للبحث والتنقيب والإستشارة والإستخارة والتوكل والدعاء،والصبر والإصرار والمثابرة والنفس الطويل…لكن تذكر في النهاية أنك ستربح ابنا أو ابنة تسعدك في الدنيا وتقر عينك به، وسيكبر فرحك ويكتمل عند لقاء ربك، إذ لن ينقطع عملك أبدا، فتجد في صحيفتك أعمالا صالحة كالجبال لم تعملها في دنياك، ولكنها هدية من أبنائك البررة…

هل هناك تربية سلبية؟وما علامات المربي السلبي؟ والمربي الإيجابي؟ وماهي مقومات التربية الإيجابية؟

نوعان لا يربيان إنما يدمران:

المربي الفاشل


إذا كان المعنى اللغوي للتربية هو النمو والزيادة، فإن هذين النوعين لا ينميان ولا يزيدان في أبنائهما إلا الخوف والقلق واللامبالاة، والكسل والتبعية والضعف والوهن، والعنف والعقوق وغيرها من الأمور التي لا تبشر بخير أبدا.

النوع الأول: المربي الإطفائي:

يتدخل فقط عند حدوث الكوارث، ليس له نظرة استباقية للأمور، دائم الغياب عن أبنائه، ويعتقد أن التربية مسؤولية الأم فقط، فلا يتدخل إلا عند عجز الأم عن حل الأزمات الأسرية، فيتدخل بأساليب التخويف والعنف اللفظي والجسدي والسب والشتم والتهديد… وهي بعيدة كل البعد عن التربية…فهدفه هو إيقاف السلوك السلبي والمزعج في أقرب وقت و بأي أسلوب، فلا يراعي الجانب النفسي لذلك الطفل المسكين، الذي يكبر في نفسه الحقد والعنف وهما ثمرتان مرتان سيذوقهما هذا النوع من الآبء ولو بعد حين.

النوع الثاني: المربي المروض:

هو أقرب ما يكون في أساليبه من مروضي الحيوانات، فهذا الأخير   يجعل الحيوانات تستجيب لطلباته و أوامره، وتنفذها بكل طواعية ودون نقاش ولا اعتراض…

كذلك المربي المروض، يسعى إلى جعل الطفل لينا مطيعا ومنفذا للأوامر، يتحكم فيه بالإشارات قبل الكلمات، لا يعطي للطفل فرصة التفكير والنقاش والانتقاذ، فيدمر شخصيته تدميرا كاملا…

الإطفائي والمروض مربيان فاشلان، ولن ينتجان إلا الفشل.

صفات المربي الإيجابي:

لا شك أن المربي الإيجابي سيكون مخالفا بشكل كلي للصنفين الأولين، فهو إيجابي في نظرته للواقع، إيجابي في تعامله مع الأزمات، إيجابي في علاقتة بأسرته، إيجابي في تسطير وتحقيق أهدافه، فهو يتميز بالحكمة والإنصات والصبر طول النفس ودقة الملاحظة، ويمكن تلخيص كل هذه الأمور في ثلاثة صفات:

أولا: علاقة إيجابية:

 وهي أول صفة من صفات المربي الناجح،فهو يسعى دائما لبناء علاقة إيجابية بينه وبين ابنه، وهذه العلاقة تتسم بالحنان والمحبة والصداقة والحوار والتفاعل والصحبة وحسن الإنصات….وسنعود للفصل في هذ النقطة في محور أركان التربية الإيجابية.

ثانيا: نظرة مختلفة للسلوكيات المرفوضة: 

بينما يحاول غيره وقف التصرفات المرفوضة بأي طريقة كانت، يسعى المربي الإيجابي إلى علاج هذه السلوكيات، لأنه يعلم أنها أعراض تدل على وجود خلل ما في العلاقة بينه وبين المتربى أو الطفل، فيعمل على اكتشاف هذا الخلل ومعالجته وبالتالي القضاءبشكل كلي على السلوك المرفوض.

ثالثا: ذو أهداف سامية:

 في الوقت الذي يبحث الكثير من المربين عموما والآباء خصوصا عن الهدوء، نجد أن الإيجابيين من هؤلاء يستحملون أبناءهم، فيصبرون عليهم ويمنحونهم هامشا كبيرا من الحرية التي هي شرط الإبداع، ويصبرون على أخطائهم التي ما هي إلا دروس سيتعلمون الكثير منها…..كل هذا وغيره يهون عندما يكون المبتغى هو صناعة جيل قوي الشخصية، مفكر منتقد ومبدع.

هل ابنك قوي الشخصية؟

إليك عزيزي القارئ علامات تدل على أن ابنك أو ابنتك  يتسم بشخصية قوية:

  • يبادر ويأخذ القرارات.
  • يعبر عن رأية ويدافع عنه.
  • يحمي ممتلكاته.
  • يدافع عن نفسه.
  • يعبر عن رفضه ويبرر ذلك.
  • يواجه ولا ينسحب.
  • لا يقبل الهزيمة والخسارة.(يعبر عن ذلك بالبكاء)
  • القدرة على الإعتذار وطلب المسامحة.
  • متفائل دائما.

فإذا كان طفلك يتصف بهذه الصفات، فلتفرح لأنكما في الطريق الصحيح، وإذا كان العكس فانتبه، فأسلوبك التربوي سيحطم شخصية الطفل، وستزيد الأمور تعقيدا باستمرارك على نفس النهج.

الأركان الأربعة للتربية الإيجابية:


تقوم تربية الأبناء الإيجابية على أربعة أسس وهي:

  1. بناء علاقة إيجابية.
  2. بناء الثقة.
  3. تعزيز السلوك الإيجابي .
  4. تعديل السلوك السلبي.
ولا شك أن بنيان التربية لا يقوم إلا بتوفر هذه الأركان الأربعة كاملة مكمولة دون نقصان، لكنها تختلف في الأهمية، ولعك عزيزي القارئ تتفق معي على أن الركن الأول (بناء علاقة إيجابية)،هو أهم هذه الأسس والدعائم،فوجود علاقة إيجابية أساسها الحب والصدق والمصاحبة والإحترام والتقدير والتفاهم،سيسهل بناء الأركان الأخرى بلا شك، وأي تفريط في هذا الركن إنما هو تفريط في التربية بشكل عام، فهو البداية وهو المنطلق، والسبب في فشل العملية التربوية في كثير من الأسر هو تركيز المربين على تعديل السلوك السلبي.

اعلم أيها المربي أنك إذا بنيت علاقة إيجابية بطفلك ، فإن أغلب السلوكيات السلبية ستتغير بشكل ضمني ودون تدخل منك…لأن هذه العلاقة الإيجابية سينتج عنها الحب، والحب سيدفع الطفل إلى التقليد، فإذا وصلت لهذه المرحلة فانتبه لتصرفاتك لأن طفلك سيكون ظلك…فكيف تريد للظل أن يستقيم والعود أعوج؟

وقد أشار النبي محمد صلى الله عليه وسلم لهذه المسألة في الحديث الذي رواه 

لعل الطريق الموصل إلى بناء هذه العلاقة هو الإهتمام الحوار والتفاعل وحسن الإنصات والحب والصداقة والمصاحبة.

وفي الختام تذكر أن طفلك لا يحتاج مال وجاه بقدر ما يحتاج إلى أمه وأبيه بجانه، يلاعبهما و يشاركهما فرحته وحزنه، يثق فيهما، و يتلقى تشجيعهما و توجيهاتهما ونصحهما، فالوالدان الفطنان هما الذان يبنيان علاقة صداقة بينهما وبين أبنائهما.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى