معركة طوفان الأقصى: انتصار أم انكسار؟

بسم الله الرحمـ’ـن الرحيم

و الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه: (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ۗ ) [سورة الحج]

و القائل في كتابه عز و جل : (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [سورة الروم]

وبعد:

تحية انتصار و إكبار إلى المجاهدين المرابطين على أرض غزة، تحية إجلال و إباء إلى أرواح الشهداء الصادقين الأحياء عند ربهم غير أموات، تحية إلى أصحاب الجراح و التضحيات، تحية عزة إلى أمة باقية ظاهرة منصورة بنص القرآن إلى يوم يقوم الأشهاد.

تحية فرح و حمد و شكر و ثناء على الله عز و جل أن كتب النصر لغزة و أهلها و مجاهديها رغم الحصار العسكري و عدوان متواصل صهيوني و خذلان عربي و تواطؤ غربي.

انتصار ام انكسار

هل حقا انتصرت غزة؟

471 يوما من حرب ضروس لم تستسلم فيها غزة و لم ترفع قط راية بيضاء -رغم تفاوت القوى العسكرية بين الاحتلال الصهيوني الإسرائيلي و المقاومة الفلسطينية-، 471 يوما من صمود شعب أعزل ضد كيان مدجج بأقوى الأسلحة و أحدثها، مدعوم عسكريا و اقتصاديا من القوى الأمريكية والبريطانية الغربية، 471 يوما من حرب شرسة لو أقيمت ضد امبراطورية لسقطت، لكنها لم تستطع ذلك في بقعة أرضية صغيرة لا تتجاوز مساحتها أصغر مدن بلدان العالم، بقعة صغيرة نجحت في إخفاء مئات الأسرى الإسرائليين لأكثر من 15 شهرا دون معرفة مصيرهم رغم الاستعانة بأحدث طائرات التجسس البريطانية و الأمريكية، و نجحت في تشبث أهلها بأرضهم رغم محاولات العدو لتهجيرهم إلى سيناء قسرا، ونجحت في تكبيد العدو خسائر عسكرية و اقتصادية لا يستهان بها، و نجحت في إرغام العدو على الجلوس على طاولة المفاوضات بعد أن كان يعد و يتوعّد بإنهاء المقاومة في غزة و تغيير ملامحها على كل المستويات.

و ها هي غزة اليوم تنهي هذه المعركة بالنصر المبين، وتعلن انتصارها و انتصار شعبها و مقاومتها بعد أن ركّعت كيان المحتل و جَثّته على ركبه و أرضخته لشروطها في صفقة مخزية مُذِلة اعترف عندها العدو، أنها: صفقة استسلام.

مواطن الانتصار في غزة

غزة فقدت الآلاف من الشهداء و تعرضت لتخريب و دمار لم يسبق له مثيلا، فكيف نقول بعد هذا انتصرت غزة؟

إن عدد الضحايا و التدمير ليس مقياسا لتحديد الانتصار أو الهزيمة بقدر ما تكون النتائج النهائية للمعركة، فقد يُقتل الجند كله لكنه يُعد منتصرا ما دام العدو لم يتمكن من تحقيق أهدافه. نعم، فقدان آلاف الشهداء و تخريب آلاف البيوت هو خسارة، لكن ليس بالحجم كما لو كان الاستسلام للعدو أو سقوط المقاومة.

و من أعظم مواطن الانتصار :

1) إعادة القضية الفلسطينية إلى واجهة الأحداث و إحيائها في قلوب العالم بعد أن ماتت و كادت أن تنسى، و إعادة النظر في مبادرات السلام الكاذبة التي كادت أن تبيع كل فلسطين للكيان المحتل.

2) فشل العدو الصهيوني في إسقاط المقاومة الفلسطينية و تغيير وجه قطاع غزة و تحويله إلى مستوطنات، فعلى الرغم من قوته العسكرية  و حشد عشرات الآلاف من الجنود الإسرائيليين و الأمريكيين و البريطانيين و تهديداته بإنهاء المقاومة، إلا أن هذه الأخيرة رغم محاصرتهم لها في رقعة صغيرة و بمحدودية سلاحها تصدت لهم و أجبرتهم على التراجع والرضوخ و الاستسلام.

3) فشل محاولات الاحتلال الصهيوني في تهجير الشعب الغزاوي من شمال القطاع إلى منطقة سيناء ، فما زادت هذه الخطة الصهيونية إلا صمودا للشعب الغزاوي و تمسكا بأرضه رغم القهر و الآلام و المعاناة و التجويع، و لا ريب أن كل واحد منا قد رأى –عبر هاتفه أو التلفاز- كيف يتحدث الغزاويون بكل ثبات و عزة و إيمان قوي صادق وسط هول المواقف و هم يجابهونها، و فقدان الأحبة و هم يبكونهم؛ فإذا كان هذا حال العوام من الشعب فكيف بمجاهديهم؟

4) فشل خطة الجنرالات التي كانت تهدف لإفراغ شمال قطاع غزة من سكانه و إبقائه تحت السيطرة الصهيونية في محاولة لتقسيم القطاع إلى قسمين، فعلى الرغم من حرقهم لمخيمات جباليا و حجب إمدادات الطعام و الماء و الدواء و الوقود، و استخدامهم لقوة النار القصوى إلا أن ثبات الشعب و صموده و حنكة مقاومته حالت دون إتمام الخطة.

5) فشل استعادة الأسرى الإسرائيليين بالقوة رغم تخريب و تدمير و حرق معظم قطاع غزة و رغم الاستعانة بمسيرات و طائرات تجسس بريطانية لرصد تحركاتهم و معرفة أماكن تواجدهم؛ إلا أن هذا باء بالفشل.

6) تكبيد العدو خسائر في الأرواح و العتاد، فعلى الرغم من التضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب الفلسطيني و الغزاوي على وجه الخصوص، إلا أن العدو تلقى خسائر فادحة جعلته يدفع ثمنا غاليا بكل المقاييس –رغم تستره الإعلامي عنها-، خسائر سواء على المستوى العسكري أو الاقتصادي أو السياسي أو البشري أو حتى الإعلامي:

فعلى المستوى العسكري قتل وأُسِر عشرات من الجنود و الضباط، و هُزم جيشهم هزيمة عسكرية مُذلة بعد الاجتياح البري للقطاع.

و على المستوى الاقتصادي تكبد خسائر بمليارات الدولارات نتيجة تدهور عملته و شلل قطاعه السياحي و توقف حركة الطيران بالإضافة إلى تكاليف الحرب المثقلة.

و على المستوى السياسي تعرضت حكومته الحالية لخلافات بين أعضائها نتج عنه استقالات و ضرب بالاتهامات و تسريب للأسرار، و خلافات مع شعبها نتج عنه فوضى و احتجاجات  و انقسام في المجتمع الإسرائيلي الصهيوني إثر سوء القرارات المتخذة التي تسببت في ضررهم قبل سكان غزة.

وعلى المستوى البشري فقد قتل منهم المئات و جرح الآلاف و أجبر الاحتلال على إجلاء عشرات الآلاف من سكان المستوطنات.

أما على المستوى الإعلامي فقد خسر خسرانا مبينا تجلى في تصوير و توثيق جبن و خور جنود و جيش الاحتلال، و فضح ناشطين إعلاميين لأكاذيب المسؤولين الإسرائيليين بشأن أحداث قطاع غزة، و كسب المقاومة الفلسطينية لتعاطف و تأييد واسع من قبل شخصيات عالمية رفيعة المستوى، و من كُتاب و مفكرين، و من مشاهير و جماهير شعوب العالم التي خرجت في عدد من العواصم للتعبير عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني.

معركة طوفان الأقصى: انتصار

انتصرت غزة، و توجت معركة طوفان الأقصى بالانتصار حين أكدت المقاومة أنها باقية و تتمدد عكس ما كان يريد الاحتلال، و حين أسفرت نتائجها عن تحولات استراتيجية كبيرة بالمنطقة بدأت بتحرير سوريا كما لم يصدق أحد، وتوالت بركاتها على أرض فلسطين بدءا بالرضوخ الإسرائيلي الصهيوني كما لم يتوقع أحد، و الله أعلم بما هو باق و آت.

و ستظل هذه المعركة راسخة خالدة في عقول وذاكرة أجيال هذه الأمة لِما سطرت تفاصيلها من نماذج بطولات حية صادقة مع الله و مع الوطن و القضية، و بعد أن علمتهم أن تكالب الأعداء لا يثني عن المضي قدما و لا يزعزع من الإيمان بوعد الله شيئا،

قال الله عز و جل: (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) [سورة آل عمران]

و قال رسول الله ﷺ: {لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم، و لا من خالفهم، حتى يأتي أمر الله و هم كذلك} [صحيح البخاري:3641]

ختاما،نتوجه للمغرضين المتصهينين العرب الذين غاضهم هذا الانتصار و أصابهم بالصرع و قد كانوا يراهنون على سقوط المقاومة، إلى أولئك الذين يتخفون خلف رداء الإنسانية و يدعون إلى عدم الفرح أو تسمية هذا الانتصار انتصارا احتراما منهم -زعما- للدماء و الجراح و البيوت المهدمة، إليهم نقول: إن الفرح بالنصر أمر فطري محبب إلى النفس (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ¤ بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ ) [سورة الروم] فإذا لم تستطيعوا مشاركتهم فرحتهم فالله الله فيهم و لا تعكروا صفو طربهم و بهجتهم، فالفلسطينيون أدرى الناس بوضعهم، هم أهل القضية و معهم أهل الحل و العقد، سموه انتصارا و فرحوا له و حُقَّ لهم ذلك. فلا يزايدنّ من لا يستطيع حتى مقاطعة المنتوجات الصهيونية على من اختار طريقه بين الحياة عزيزا أو الموت شهيدا.

فاللهم أتمم على عبادك في غزة فرحتهم، و أمنك و أمانك عليهم، و فرج عن أسراهم، و اشف مرضاهم ،و داوِ جرحاهم، و سكن آلامهم، و أطعم جائعهم، و ادحر عدوهم، إنك على كل شيء قدير و بذلك جدير.

و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين.

بقلم:سارة بقوي

‫24 تعليقات

  1. Точність, стиль та статус об’єднуються в елегантних годинниках. Вони не лише показують час, але й розповідають про характер та смак свого власника.

  2. Найкраще обирати саме автобус на Польщу з автовокзалу http://www.infobus.top, оскільки рейсів звідти найбільше. Та й добиратись туди легко з будь-якого району.

  3. # Harvard University: A Legacy of Excellence and Innovation

    ## A Brief History of Harvard University

    Founded in 1636, **Harvard University** is the oldest and one of the
    most prestigious higher education institutions in the United
    States. Located in Cambridge, Massachusetts, Harvard has built a global reputation for academic excellence, groundbreaking research,
    and influential alumni. From its humble beginnings
    as a small college established to educate clergy, it has evolved into a world-leading university that shapes the
    future across various disciplines.

    ## Harvard’s Impact on Education and Research

    Harvard is synonymous with **innovation and intellectual leadership**.

    The university boasts:

    – **12 degree-granting schools**, including the renowned
    **Harvard Business School**, **Harvard Law School**, and **Harvard Medical School**.

    – **A faculty of world-class scholars**, many of whom are Nobel laureates,
    Pulitzer Prize winners, and pioneers in their fields.

    – **Cutting-edge research**, with Harvard leading initiatives in artificial intelligence, public health, climate change,
    and more.

    Harvard’s contribution to research is immense,
    with billions of dollars allocated to scientific discoveries and technological advancements each year.

    ## Notable Alumni: The Leaders of Today and Tomorrow

    Harvard has produced some of the **most influential figures** in history,
    spanning politics, business, entertainment, and science.
    Among them are:

    – **Barack Obama & John F. Kennedy** – Former U.S.
    Presidents
    – **Mark Zuckerberg & Bill Gates** – Tech visionaries (though Gates did not graduate)
    – **Natalie Portman & Matt Damon** – Hollywood icons
    – **Malala Yousafzai** – Nobel Prize-winning activist

    The university continues to cultivate future leaders who shape industries and drive
    global progress.

    ## Harvard’s Stunning Campus and Iconic Library

    Harvard’s campus is a blend of **historical charm
    and modern innovation**. With over **200 buildings**,
    it features:

    – The **Harvard Yard**, home to the iconic
    **John Harvard Statue** (and the famous “three lies” legend).

    – The **Widener Library**, one of the largest university
    libraries in the world, housing **over 20 million volumes**.

    – State-of-the-art research centers, museums, and performing arts venues.

    ## Harvard Traditions and Student Life

    Harvard offers a **rich student experience**, blending academics with vibrant traditions, including:

    – **Housing system:** Students live in one of 12 residential houses, fostering a
    strong sense of community.
    – **Annual Primal Scream:** A unique tradition where students de-stress by running through Harvard Yard before finals!

    – **The Harvard-Yale Game:** A historic football rivalry
    that unites alumni and students.

    With over **450 student organizations**, Harvard students engage in a diverse range of
    extracurricular activities, from entrepreneurship to performing arts.

    ## Harvard’s Global Influence

    Beyond academics, Harvard drives change in **global policy, economics, and technology**.

    The university’s research impacts healthcare, sustainability, and
    artificial intelligence, with partnerships across industries worldwide.
    **Harvard’s endowment**, the largest of any university, allows it to fund scholarships,
    research, and public initiatives, ensuring a legacy of impact for generations.

    ## Conclusion

    Harvard University is more than just a school—it’s a **symbol of excellence, innovation, and leadership**.

    Its **centuries-old traditions, groundbreaking discoveries, and transformative education** make it one of the most influential institutions in the world.
    Whether through its distinguished alumni, pioneering research,
    or vibrant student life, Harvard continues to shape the future in profound ways.

    Would you like to join the ranks of Harvard’s legendary
    scholars? The journey starts with a dream—and an application!

    https://www.harvard.edu/

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى