شرح حديث”إنما الأعمال بالنيات”

 شرح حديث :"إنما الأعمال بالنيات"

مقدمة 

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو إلى امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه.”

يعتبرهذا الحديث  من الأحاديث التي عليها مدار الإسلام،وقد اتفق العلماء أن مدار الإسلام على حديثين هما: هذا الحديث، وحديث عائشة رضى الله عنها، الذي أخرجه البخاري في صحيحه، والذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: 

“من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد”.

ومن هنا يمكننا أن نقول أن شرطا قبول العمل هما:

  1. الإخلاص
  2. الإتباع

وحديث عمر حديث يؤصل للشرط الأول،وهو حديث عظيم، يدخل في أبواب كثيرة من الفقه، وقد افتتح به عدد كبير من المحدثين وغيرهم كتبهم ومؤلفاتهم،وكأنهم يقصدون من ذلك تنبيه أنفسهم أولا، ومن يقرؤ كتبهم ثانيا لمسألة النية قبل العمل، أي أن يجعل المؤلف والقارئ القصد  من التأليف والدراسة هو ابتغاء وجه الله سبحانه.

حديث عمر رضي الله عنه من الأحاديث التي لا يسع للمسلم جهلها،فتعالوا معي نغوص في معاني هذا الحديث الشريف، سائلين المولى عز وجل أن يجعل عملنا خالصا لوجهه الكريم.

سبب ورود الحديث:

كان من بين من هاجروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل كان قد خطب امرأة تسمى أم قيس، وكانت هذه الخطوبة قبل الهجرة،فلما قررت أم قيس الهجرة مع رسول الله،رفضت الزواج بالرجل،إلا بشرط وهو أن يهاجر مع رسول الله  صلى الله عليه وسلم،ولم تكن نيته اتباع الحق ونصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم،إنما كانت نيته وقصده من الهجرة الزواج من أم قيس، فسمي الرجل بمهاجر أم قيس.

 معنى النية:

النية لغة هي القصد والإرادة والغاية وعزم القلب على أمر من الأمور.

واصطلاحا هي القصد للعمل تقربا إلى الله سبحانه، وطلبا لمرضاته وثوابه.

مجالا ت النية

كل حركاتنا وسكناتنا تحتاج لإخلاص النية لله سبحانه، إلا أن النية تكون في بعض الأحيان واجبة، في الصلاة مثلا والزكاة والصيام والحج وغيرها من العبادات… وغياب النية في في هذه العبادات يؤدي لبطلانها،إذ بالنية نميز القصد من العمل هل هو لوجه الله أم لمراءاة الناس أم لقصد آخر، وكذلك من خلال النية نميز بين العادة والعبادة، فنعرف هل القصد من غسل الوجه النظافة أم الوضوء أم هما معا،وبالنية كذلك نميز بين العبادات، فنعرف هل صومنا قضاء أم نافلة أم حمية ام كل هذه الأمور،وفي أحيان أخرى تكون النية مستحبة، فكلنا ننام ولكن هناك من ينام بدون نية،وهناك من ينام ونيتة أن يريح جسده ليكون قادرا على القيام بمهمة العبادة وأعمار الأرض، وكلنا نذهب للتسوق، لكن هناك من يذهب بدون نية، وهناك من ينوي بتسوقه لأهله الصدقة والتعبد والتقرب من الله تعالى.

وبالتالي فإن النية الخالصة تجعل من العادات عبادات ومن الأعمال الصغيرة جبال حسنات، فأنفع الأعمال لك أيها الأخ الكريم وأيتها الأخت الكريمة، هي تلك الأعمال اتي تكون خالصة لوجه الله الفرد الصمد سبحانه.

ولك العبرة في قصة باغية بني إسرائيل التي سقت الكلب فدخلت الجنة، يقول العلماء إن سبب عظم أجر هذا العمل البسيط هو كونه خالصا لله.

قراءة في الحديث الشريف:

لقد حصر رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعمال في النيات ،فرغم كون الهجرة عملا عظيما جليلا،إلا أنها إذا كانت لغير الله فأنها تصبح لا شيء في ميزان الحسنات، فالله أغنى الشركاء عن الشرك.

وقد نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال هذا الحديث إلى مفسدتين رئيسيتين للنيات، الأولى النساء ومن خلالهن الناس،لأن الإنسان يسعى لإرضاء الناس أكثر من سعيه لإرضاء الله، والثانية المال، فالإنسان يحب المال حبا جما وحبه الشديد هذا قد يدفعه إلى إفساد نية العمل، فيكون القصد من التدين هو النجاح في التجارة مثلا….

نصيحة:

اجعل همك الوحيد هو مرضاة الله وسيكفيك الله هموم الدنيا والآخرة ،واعلم أن الله إذا أحبك،نشر لك القبول في الأرض والسماء،فأحبتك الملاءكة والناس،إذا مقتك الله فعن أي حب تبحث،وعن أي قبول تجول،لقد خسرت أيها المسكين خسرانا مبينا.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى